
اضْطُرّ السعوديّون إلى النبش في فتاوى الماضي الإسلاميّة، ولأهم وأبرز دُعاتهم من التيّار الذي كان يُعرَف باسم “التيّار الصّحوي الإسلامي”، علّهم يجدون فتوى تُجيز ما أعلنته وزارة الحج والعمرة السعوديّة، حول جواز حج المرأة، “بُدون مُحرم”، مُقابل تراكم فتاوى “صحويّة” لا تُجيز للمرأة الحج والعمرة بدون مُحرم.
وقبل القرار الذي بطبيعة الحال، أثار جدلاً دينيّاً، وفقهيّاً، واجتماعيّاً على صعيد منصّات السعوديين، والمُسلمين بشكل عام، كانت الأولويّة تشترط على المرأة الراغبة بالحج، والعمرة، وجود مُحرم.
لديك 2 خبر جديد:
صوتنا خليجي ينشر معلومات جديدة حول أسباب فشل اجتياز سيارات الخصوصي للفحص الدوري في السعودية في 2024
صوتنا خليجي ينشر معلومات خاصة عن أول مهرجان سينمائي في العالم
ومع دخول العربيّة السعوديّة عصر الانفتاح، وتراجع وحتى زوال صلاحيّات رجال الدين (المعروف والمنكر)، وإزالة شرط ولاية الرجل على المرأة السعوديّة، يأتي هذا القرار استكمالاً لرؤية سعوديّة بإعطاء المرأة حُقوقاً أوسع وأشمل، ومن ضمنها تلك المُتعلّقة بالعبادات.
لديك 1 خبر هام :
ووجد القرار ترحيباً واسعاً من النشطاء السعوديين “المُعتدلين”، فيما ذكّر البعض الآخر بأن حج المرأة جائز لو كانت مع عُصبة نساء، وذهب رأيٌ ثالت للتشدّد، والقول بأن حج المرأة بمالها بدون مُحرم باطل، وتسقط عنها فريضة الحج، فمن لم تجد مُحرماً، كمن لم تجد مالاً، وبذلك يسقط شرط الاستطاعة أي في قول الحج لمن استطاع إليه سبيلا.
فتاوى العلماء من رعيل الصّحويّة والوهابيّة، أمثال الشيخين بن عثيمين، وبن باز، كانت قد أفتت بأن حج المرأة وعُمرتها “حرام”، وهذه فتاوى يبدو أن الحكومة السعوديّة، لم تعد تعترف بها، ولا تُريد الأخذ بها بعد الآن.
دلال المسلم ناشطة نسويّة، وهي إحدى المُعجبات بقرار السّماح للمرأة بالحج دون مُحرم، قالت في تغريدة على حسابها في “تويتر: “القرار الذي طال انتظاره الحج والعبادات يجب أن لا ترتبط بوجود رجل.. فالإنسان له علاقة خاصة مع ربه والمملكة ما أجبرت المرأة تحج بدون محرم ولكن من تريد الحج بدون محرم كيفها والله الرحيم سيقدر مشقتها وعبادتها ما يبيلها عقل تحرروا من رجال الدين وكلامهم”.
في المُقابل، يرى سعود الأمر من زاوية تتعدّى الأمر الديني فيقول: “المرأة اللي تحسب أن الحج سفرة سياحية عشان تقدح وتروح بدون محرم، نقولها بالفم المليان الموضوع تراه تدافع وتزاحم في أماكن ضيّقة وإجهاد ذهني وبدني يحتاج إلى رجل ليكون سند لها في مثل هذه الظروف!”.
ولم تستند السلطات السعوديّة بقرارها هذا إلى فتوى كما كانت العادة على مدار سنوات طويلة مع إقرار قرار أو قانون أو عادة مُجتمعيّة لإقناع مُواطنيها، فالقيادة السعوديّة تغيّر فكرها، وتذهب إلى إقرار قوانين أكثر مدنيّة وعصريّة تتناسب مع الرؤية 2030، وتحديدًا فيما يتعلّق بالمرأة وحُقوقها، كما أن الشعب وتأثير الإعلام والتواصل الاجتماعي عليه لهما دورهما في تقبّل التغيير بشكل أسرع، وأساساً كان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي صاحب الرؤية واضحاً حين أكّد بأنه لن يُضيّع 30 عاماً أخرى من حياته في مُحاربة التيارات المُتشدّدة، وكان له ما أراد.
وذهب مُدافعون عن القرار من زاوية دينيّة، بأن المرأة التي تسكن مكّة يحق لها الحج بدون مُحرم لأنها لم تُسافر، ويتساءلون لماذا السفر وحده من يمنع المرأة من الحج والعمرة بدون فتوى، وماذا عن النساء اللواتي حُرمن من فريضة الحج والعمرة كُل تلك السنوات، فقط لأن شيخاً صحويّاً أفتى بعدم جواز عُمرتها وحجّها “بدون مُحرم”؟